مقدمه:
من أكثر الأشياء المثيرة للانتباه مؤخراً هو لعب الشركات على الوتَر العاطفي لدى الناس. خصوصاً جيل الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، تحاول الشركات ربط منتجاتها بذكريات جميلة لدى الناس في حقبة هي من أهم الحقب .لأنها كانت بداية الانفتاح بين دول العالم وشعوبها، وبداية ثورة التكنولوجيا. وهذا ما يدعى باستخدام النوستالجيا وأهميتها في التسويق .
ما المقصود بالنوستالجيا(Nostalgia) ؟
النوستالجيا هي شعور شديد بالحنين إلى الماضي أو إلى ذكريات معينة من الماضي. وغالبًا ما تكون هذه الذكريات مرتبطة بأحداث أو أشخاص أو أماكن أو عادات أو أنشطة كانت مألوفة في الماضي وتحمل ذكريات إيجابية للشخص. وعندما يشعر الشخص بالنوستالجيا، فإنه يشعر بالحنين الشديد لتلك الذكريات والرغبة في العودة إلى تلك الأوقات أو الأماكن أو الأشخاص. ويمكن أن يكون هذا الشعور إيجابيًا أو سلبيًا، حيث يمكن أن يُشعر الشخص بالسعادة والراحة عندما يتذكر تلك الذكريات، أو قد يشعر بالحزن والأسى لأن ذلك الوقت قد رحل ولن يعود مرة أخرى.
النوستالجيا وأهميتها في التسويق : والنوستالجيا – Nostalgia من ناحية اخرى تعنى ببساطة رغبة الناس في ان يعيشوا في زمن مضى. وهو ما لن يحدث بالطبع، فيصيبهم هذا التذكر ببعض السعادة. وربما بعض الاكتئاب في أوقات أخرى. أي استحضار تلك الذكريات بشيء من الحزن أو الفرح.
وهي عبارة عن كلمة مشتقة من كلمتين يونانيتين في الاصل هما (nóstos) وتعنى العودة إلى الوطن، وكلمة (álgos) وتعنى الألم، وقد استخدمها أحد الأطباء في القرن ال17 ليصف معاناة وقلق المرتزقة السويسريين اثناء حربهم بعيداً عن الديار. أي ان هذا المصطلح طبياً يميل لكونه شيء يدل على الاكتئاب والالم لرغبة أحدهم في ان ينتقل الى زمان او مكان يحبه ولا يستطيع ذلك.
كيف تستخدم الشركات مصطلح النوستالجيا في مبيعاتها
تعتبر النوستالجيا واحد من أقوى الأساليب التي تستخدمها الشركات، بل ويستخدمها الكثير الآن خصوصاً على شبكات التواصل من اجل اثارة بعض الذكريات القديمة الرائعة.
- ومثال ذلك شركة مايكروسوفت من خلال تذكرة الناس بالماضي وربطهم بمنتج او خدمة الشركة بشكل عاطفي وإيجابي. مثل إعلانها عن متصفحها القديم البطيء بطريقة تذكير المستخدمين بالماضي والاشارة الى نمو متصفحها وتطويره وأي أنه بمثابة اعتذار عن بطئ متصفحها القديم وأن النسخة الحديثة منه ليست بطيئة.
- شركة بيبسي أيضاً تنتهج هذا الخط العاطفي في اعلاناتها وخاصة في رمضان. من خلال العزف على ذكريات الزمن الماضي.
الجيل الجديد والقوة الشرائية
إن هذا الجيل هو ما يشكل القوة الشرائية الأكبر الآن. هذا الجيل أغلبه في العشرينات الآن، وهذه الفئة هي التي تستهلك المنتجات والخدمات، لأكثر من سبب. وهي الفئة التي يجب التركيز عليها.
ومن ضمن هذه الأسباب هي أن:
- سنهم هو سنّ الانطلاق والحماس وتجربة الأشياء الجديدة.
- أضف إلى ذلك أن هذا السن مدعم باستقلالية مادية. فهم يملكون المال لشراء جميع ما يحتاجون من المنتجات والخدمات.
- فهو السن الأكثر استهلاكاً للمنتجات الاستهلاكية سريعة التحرك – FMCG مثل الاطعمة والمشروبات، ثم ضف عليها الملابس.
- هذه الشريحة كبيرة. وربما تكون هي أهم شريحة في الهرم الاستهلاكي للمنتجات والخدمات.
ولذلك تعمل الشركات على ربطهم بزمان وذكريات قديمة. وسوف تحاول الشركات وضح اقصى طاقة من السعادة في هذه الذكريات، كل هذا ينعكس على الصورة العاطفية الايجابية جداً لدى الناس عن المنتج.وهنا نرى النوستالجيا وأهميتها في التسويق
أفكار تجارية قائمة على النوستالجيا
إن من أهم الأفكار التجارية القائمة على النوستالجيا والتي لا يمكن أبداً نسيانها. والتي مازالت مؤثرة بشكل كبير فينا حتى الوقت الحالي هي:
- العلكة السحرية بالبالون
- مشروب كراش
كل تلك الإعلانات تربط الناس بذكريات رائعة في الماضي. ويكون التحدي الأكبر لمطوّر مثل هذه الخطط التسويقية ان يستهدف الشريحة المناسبة بمنتج ذو جودة عالية. وينتظر نصيب سوقي كبير ومبدأي من هؤلاء المبادرين المتشوقين لأي منتج من رائحة زمان! وتكثر الأمثلة..
ما مدى قوة النوستالجيا
يظهر تأثير النوستالجيا في السوق على المدى القصير. من ضمن الأسباب لذلك هو مدى التعقيد الذي وصل له العالم الآن بين حروب وازمات اقتصادية طاحنة. كلها عوامل جعلت الناس ترى في النوستالجيا ملجئ يشعروا فيه ببعض السعادة المؤقتة. يوجد بعض الحملات الطريفة التي كانت تلعب على فكرة نوستالجيا ايضاً مثل تصوير الاشخاص بنفس الاماكن وبنفس الملابس التي استخدموها في صورهم القديمة! هذه الحملات وغيرها تحقق انتشار خصوصاً على شبكات التواصل وهذا يعكس قوة النوستالجيا.
أما من ناحية أخرى من الناحية التسويقية مثلاً فإن الناس تملّ الشيء إذا زاد عن حده، وهذا ما تقع في شباكه الشركات للأسف انها تعيد وتكرر في نفس الفكرة حتى تفقد الفكرة قوتها.
لكن إن نجاح الفكرة قد يكمن في ان تتجاوز النوستالجيا افكار الاعلانات والحملات الترويجية. لتأخذ منحى آخر يكمن في توظيف المنتجات وأشكالها وطرق تصميمها وتغليفها لتخدم فكرة النوستالجيا، على سبيل المثال:
- هناك سيارات قديمة مميزة بأشكالها العتيقة المغرية لمحبي السيارات. مثل جران تورينو مثلاً مثل هذه السيارات قد يتم دمجها شكلاً مع السيارات الحديثة فتخرج لنا سيارات رائعة تذكّر الناس بالماضي.
- يمكنك ايضاً ان تستخدم طرق تغليف قديمة للمنتجات بحيث تذكرهم بالماضي.
ولا تنتهي تلك الأمثلة التي تقع كلها في إطار ابداع الشركات في اخراج منتجات تستغل فكرة النوستالجيا.
خلاصة :
يمكن استخدام النوستالجيا في التسويق الالكتروني كوسيلة فعالة لجذب المستهلكين وتعزيز العلاقات معهم. فعندما يشعر المستهلك بالحنين لذكريات الماضي التي ترتبط بالمنتج أو الخدمة التي تعرضها الشركة، فإنه يميل إلى شراء هذا المنتج أو الخدمة. وبالتالي، يمكن للشركات استخدام النوستالجيا في حملات التسويق الالكتروني من خلال استخدام الصور والفيديوهات والموسيقى والألعاب التي تتعلق بالذكريات الماضية والتي تثير الحنين لدى المستهلكين لغايات تجارية. ولكن يجب الحرص على استخدام النوستالجيا بطريقة متوازنة ومناسبة، وفقًا لأخلاقيات التسويق والاهتمام بمصلحة المستهلكين.